انطلقت أمس أولى فعاليات مهرجان مسرح الدمى الدولي العشرين في القدس المحتلة على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي”، والذي تشارك فيه العديد من الفرق الفلسطينية والغربية في فقرات متنوعة من فنون الطفل لمدة عشرة أيام.
ويعتبر مهرجان الدمى تقليدا سنويا حافظ عليه مسرح الحكواتي، ليكون محطة ومساحة يلتقط فيها أطفال القدس أنفاسهم، في ظل أجواء التوتر والضغط النفسي التي يعيشونها نتيجة الوضع الصعب الذي ترزح تحته المدينة.
تحد وصمود
يقول مدير المسرح الوطني الفلسطيني محمد حلايقة إن مهرجان الدمى الدولي في القدس هو الوحيد الذي يتم تنظيمه بشكل سنوي في الوطن العربي، وكان من المفترض أن تكون مدة المهرجان هذا العام أطول إلا أن العديد من الفرق الأجنبية اعتذرت عن المشاركة بسبب الحرب الأخيرة على غزة والأوضاع الأمنية غير المستقرة في القدس.
وأضاف حلايقة في حديثه للجزيرة نت أن فعاليات المهرجان تمَّ إيقافها العام الماضي بشكل كامل من قبل الاحتلال، معربا عن أمله في نجاح إتمام الفعاليات حتى نهاية المهرجان هذا العام، خاصة أنه النشاط الوحيد من نوعه في فلسطين، مع ما يضطلع به هذا المهرجان من دور تربوي وتعليمي وتوعوي للمساهمة في تعزيز الهوية والانتماء والارتباط الفلسطيني بالقدس.
وحول الأزمة المالية الخانقة التي يمرُّ بها المسرح، قال حلايقة إنه لا يستطيع وصف سوء الأزمة التي يمر بها الحكواتي، فالديون وصلت حتى الآن إلى حوالي 4.5 ملايين شيكل (نحو 1.2 مليون دولار) “وأصبحنا لا نوفر الحد الأدنى من إمكانية استمرارنا، والسلطة الوطنية لا تستطيع دعمنا بسبب القيود الإسرائيلية وفي ذات الوقت لا يمكننا التوجه لإسرائيل لأننا سندفع ثمن هذا الموقف”.
موعد مع الفرح
يقول الطفل يزن زعيتر (9 أعوام) “جئت هنا اليوم لأشاهد السيرك وهي المرة الأولى في حياتي، لا يتوفر في القدس أماكن للترفيه عن الأطفال، وعرفت عن مهرجان الدمى من خلال إعلان تم تسليمه لنا في المدرسة، ولذا قررت التوجه للحكواتي برفقة أمي وأشقائي”.
ولم تخف الأمهات امتعاضهن من شح الفعاليات التي تستهدف الأطفال في القدس، خاصة تلك التي تتعلق بالمسرح وفنون الطفل، إذ تقول المقدسية مريم أبو ليل “الحكواتي يغطي جزءا من الثغرة الموجودة بالمدينة في قلة الفعاليات التي تستهدف أطفالنا، ويعتبر متنفسا لنا ولهم، وكمقدسيين من الصعب علينا مرافقة أطفالنا لفعاليات تقام في الضفة الغربية لأننا سنقضي معظم الوقت على الحواجز الاحتلالية التي تنغص على أطفالنا المرح والمتعة التي خرجوا لأجلها”.
وتضيف ميادة قرجولي “أبحث عن فعاليات الأطفال في كل مكان، واليوم نحن متحمسون للسيرك لأنها المرة الأولى التي سيشاهد فيها طفلي عرضا من هذا النوع”.
وحول عرض السيرك، قال مدير عام ومؤسس مدرسة سيرك فلسطين شادي زمرد “هذه المشاركة الأولى لمدرسة السيرك في القدس المحتلة، فأعضاء الفرقة جميعهم يحملون هوية الضفة الغربية، وإحدى العقبات التي واجهتنا هي عدم إصدار تصاريح دخول للقدس لجميع الأعضاء، الأمر الذي صعب إنجاز العمل بشكل كبير أمام الجمهور، فالعقبة الوحيدة أمامنا هي الاحتلال”.
وحمل عرض السيرك عنوان “مش زابطة” تناول في طياته الفرحة والضحكة، جاءت فكرته بعد ما شهدته فلسطين من أحداث صعبة خلال الحرب الأخيرة على غزة، ورغبة فريق العمل في القيام بعمل إبداعي يحمل طابعا فكاهيا يجسد صعوبات حياة الفلسطينيين اليومية، في محاولة لعرض مشاكل الشباب بطريقة تسهم في التخفيف عن الجمهور بعد ما شهده من أحداث مأساوية.
الحكواتي في سطور
افتتح مسرح الحكواتي عام 1984 وحافظ على وجوده وصمد في وجه المعيقات الإسرائيلية والتمويلية، وحقق إنجازات على الصعيدين المحلي والعالمي بإمكانياته البسيطة، وأصبح عنوانا لكافة الفنانين والمثقفين باعتباره أول مؤسسة ثقافية فلسطينية تحت الاحتلال.
وتعرض المسرح -ولا يزال- للإغلاق عشرات المرات على مدار السنوات الماضية، بحجة رعاية السلطة للنشاطات داخله، ويعتبر أول مسرح يقوم بتنظيم مهرجان دولي “مهرجان الدمى”، وهو أول من مثل فلسطين في الهيئة العالمية للمسرح.
ويشرف المسرح على “ندوات اليوم السابع” التي تدار بشكل أسبوعي منذ سنوات طويلة، ويتم خلالها مناقشة إصدارات الكتب الحديثة وطرح قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها للمناقشة.